وباء السوداوية ..
بقلم/ فريال الوادعي
المحللون بحماقة هم ثلة من الناس؛ تبذر عمرها وهي ترعى فكرها المتشائم، الذي أشادته لبنة لبنة كما تشيد المنازل، إلا أنها أبنية سوداء لا حياة فيها ولا نور يضيء، لا تعدو كونها أبنية معتمة تضلل قاطنيها و قاصديها.
تمتاز هذه الثلة أن حسن ظنها يتحور متقوقعا و لا يتغير، يستوحش من كل جديد، حتى أن المتشائم المستفحل تشاؤمامن هذه الفئة قد يسمع ثناءك له مذمة، و عونك له خذلانا!.
يقضي يومه الراهن مرتهنا لتفكيره بكل عابر مغلفا ذلك ببراهين واهية عن خطر قادم محدق، وأن غدا القادم ليس سوى نهار من وعثاء و عناء.
حديثي عن المتشائمين هنا لا أقصد به جرهم من طوفان السواد إلى بحر التفاؤل ووهج الأمل، بل تعريف بخطر "وباء سوداويتهم" الذي سيتأثر به بعض من متضعضعي الوضين الذين لا إلى هؤلا و لا إلى هؤلاء.
إن خطر هذه الفئة لمستفحل سواء في الحياة الخاصة أو العمل، فما إن يسمع عن جديد حتى ينثر سيلاً من تشاؤمه وتحليلاته التي لا تمت_ في إي جانب من جوانبها_ لبصيص نور ساطع أو منطق واقع، و لسان حالهم يقول:
هذا العمل بكل تأكيد غير مفيد، وهذا الفعل كسابقه لن يحدث جديدا، وهذا سأفعله مجبرًا دون دافع ملزم، فتنشر تحليلاته في أذهان أتباعهم حتى يتلبسهم(التباع) طوفان التشاؤم دون ممانعة تذكر، أو ردع يظهر.
يقول الأديب علي أدهم "الفرق بين نظرة الإسلام والنظرة التشاؤمية هو أن الإسلام ينظر للحياة كما ينبغي أن تكون، أما التشاؤم فإنه ينظر للحياة كما هي".
لا يوجد علاج للمتشائمين أفضل من تجاهل سطوة تشاؤمهم وتأملاتهم غير المنطقية،و المضي قدمًا دون الالتفات للخلف كما يريدون، فمحبو الحياة وتجويدها والمنجزون وأصحاب النظرة المستقبلية قادرون على بناء حاجز فكري ونفسي منيع،على خلاف من يستقي نظرته للغد من الآخرين بشكل مطلق،و حينها يسقط في وحل تلك الفلسفة المعتمة ويصبح جزءا منها.
ولو أن كل فرد يعي تمامًا بأن الخير قادم، وأن التوكل وحسن الظن مفتاح ذاك الخير لجنب الناس شيئًا كثيرًا من تحليلاته السلبية وربطها بسيل من الحجج الواهية،
ولعل في قولة تعالى اختصاراً جمًا للحديث:
(فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّـهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا).
صدق الله العظيم.
ما يمنعك أن ترى المكروه خيرا ؟! و الانتظار سيرا ؟!و الواقع غير ؟!.